في نيسان 1996م،كانت الطبيعة تغدق بجوها الربيعي
على سفوح الجنوب والبقاع ، والأهالي منتشرون في
حقولهم ، يزرعون الأرض بأناملهم ، وفي الأفق أمل
بغد مشرق ، ونصرٍ آت، والأولاد في الأحياء
يتقاذفون كرتهم ، والفتيات يغردن مع طيور نيسان
أناشيد الصباح ، في هذا اليوم فاجأ العدو الصهيوني
، الاهالي والأولاد والفتيات ، بحمم من كيده
وبغضه، وبأطنان من الصواريخ المتفجرة ، تقطع أوصال
الوطن ، وتحول الأجساد الحالمة إلى أشلاء .
هذا العدو الذي لم يوفر باص الأطفال في النبطية ،
ولا إسعاف الحياة في المنصوري ، صبّ كل ما عنده من
قذائف وصواريخ مستهدفاً الارض كل الأرض في لبنان،
الطرق ، الجسور ، شبكات المياه، الكهرباء ، الهاتف
، واللائحة تطول .
عاش لبنان خلال عدوان نيسان ، أياماً صعبة وحارة ،
بسبب انقطاع الماء والكهرباء ، تكاد تشبه حماوة
تموز ولهيب آب الأتيين بعد عشر سنوات .
ستة عشر يوماً ، ولبنان يتحمل كرات النار،
والشهداء في لائحة طويلة ، والجرحى في طوابير أمام
المستشفيات، والمهجرين من ديارهم ينتظرون شارة
النصر للعودة إلى قراهم .
بعد انهزام العدو، وإقراره بحق المقاومة في الدفاع
عن لبنان ، وحق المقاومة في الرد على أي عدوان،
هذا الاعتراف الذي انتزعته المقاومة من العدو ،
كان بمثابة الشارة الأكيدة لإعلان النصر .
عاد الناس إلى بيوتهم ، والدمار قد غيّر ملامح
قراهم ، وغبار الكون تجمع فوقهم ، فقد استفاق
الأهالي يوم الثامن والعشرين من نيسان 1996م ، حيث
انتهاء العدوان ، ليجدوا أن أكثر من 120 قرية قد
دمرت تدميراً كاملاً ، وأكثر من 5500 مبنى قد هدم
، وكذا عشرات المساجد والكنائس والمدارس ، وأما
الخسائر الزراعية فقد عجز الناس عن إحصائها ...
أمام هذا الواقع ، حيث ركام الدمار ، وتقطيع أوصال
الطرقات ، بادرت مؤسسة جهاد البناء إلى خوض
الصعاب، فوضعت خططاً عملانية من أجل التدخل فوراً
عبر استنفار جميع أجهزتها التابعة . ومن أجل
التخفيف من هذا الوضع المأساوي الضاغط على
النازحين كانت قد قامت بعدة إجراءات:
- تجهيز مدارس بيروت والضاحية بالمرافق الأساسية ،
وتحويلها إلى ملاجئ آمنة لإيواء النازحين ، وتسهيل
وصول المساعدات إليهم والتخفيف من آلامهم.
- تأمين مياه الشفه والخدمة والطعام.
- تأمين المقومات الصحية والبيئية لمساكنهم
المستحدثة .
ولمّا دعا سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن
نصر الله في 28نيسان 1996م، إلى الشروع بإعادة
إعمار كل ما هدمته آلات الدمار الإسرائيلية ،
فباشرت مؤسسة جهاد البناء بتنفيذ مشروع إعادة
الإعمار والترميم ، بهدف الإسراع في عودة كريمة
ولائقة للنازحين بشكل يوازي كرامة الانتصار الذي
سطّر المجاهدون المقاومون .
وقد كان هذا الشروع بعمليات الترميم تحدياً كبيراً
للمؤسسة، نظراً لحجم الدمار الهائل ، الذي لا مثيل
له حتى ذلك الوقت ، فتم تأليف لجنة إدارية وفنية
من 130 مهندس وإداري ، قاموا بعمليات المسح الأولي
لكل المناطق المدمرة ، حيث تبيّن أن 120 قرية
وبلدة في الجنوب والبقاع قد دمرت .
ومن أجل الاستفادة القصوى من الوقت ، والإسراع في
عودة المتضررين لاستئناف حياته الطبيعية ، عمدت
الجمعية في مشروع الترميم إلى تقسيم المناطق
المتضررة وفق مربعات جغرافية، فكانت : بيروت ،
البقاع، بنت جبيل ، صور ، النبطية.
جدول يظهر عدد المنازل المرممة في المربعات
الجغرافية باستثنء الكنائس والمساجد والمرافق
العامة
# |
المنطقة |
عدد القرى والبلدات المتضررة |
عدد المنازل المرممة |
عدد المراكز التجارية المرممة |
01 |
صور |
26 |
906 |
115 |
02 |
بنت جبيل |
39 |
1382 |
238 |
03 |
النبطية |
28 |
1525 |
400 |
04 |
البقاع |
8 |
156 |
30 |
05 |
بيروت |
1 |
248 |
20 |
المجاميع |
102 |
4217 |
803 |
وأما الأضرار الزراعية ، فلم تكن أقل من الدمار ،
فقد نفق أكثر من 150.000 فروج ، و660 رأس ماعز وبق
وغنم، واحتراق عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة
وكذلك الخيم الزراعية والأشجار غير المثمرة،
واحتراق الأراضي الحرجية .
|