البريد الإلكتروني
دفع التعويضات الإيواء
  فيما كانت آليات وجرّافات "جهاد البناء" تعمل بالتعاون مع البلديات في المناطق وآليات الجيش وسائر الجهات الرسمية على رفع الأنقاض من طرقات الضاحية، وعلى شقّ طرق ترابية بديلة للجسور المهدّمة في الجنوب، أمام جموع الزاحفين إلى مدنهم وقراهم وضاحيتهم في 14 آب فور إعلان وقف الأعمال العدائية، كان فريق آخر من "جهاد البناء" قد بدأ بإحصاء الأضرار الأولية للحرب ميدانياً.
فلم يكن لـ"جهاد البناء" ومن خلفها المقاومة أن تتخلى عن شعبها الذي يمر بأصعب محنة - عائلات بلا منازل، أو منازل بلا جدران، يعودون من التجهير القسري ليروا الخراب قد حل بأملاكهم وأرزاقهم - ويصرّ أن كل ما جرى ويجري فداء للمقاومة ولسيدها ولهذه المسيرة، ولم يكن لها لتنتظر خزينة الدولة وروتينها الإداري ليتحرك - بالرغم من أن هدف "جهاد البناء" من هذا التدخل لم يكن لخلق مشكلة بين الناس والدولة، إنما تأمين عودتهم بعزة وبكرامة - فالوقت لم يكن في مصلحة أحد، فشهر رمضان وشهر الشتاء على الأبواب!
لذلك تم دَفْعُ تعويضاتِ الإيواءِ وذلك استناداً إلى إحصاءاتٍ أوليةٍ للمباني المهدّمةِ، أنجزَتَها جهادُ البناءِ بفترةٍ قياسيةٍ، وقد حُدّدتْ التعويضاتُ بمبلغِ 12.000$ في بيروتَ (هي عبارة عن 4.000$ بدلَ إيجار عن عام و8000$ بدلَ أثاث) وبمبلغِ 10.000$ في الجنوبِ (2.000$ بدلَ إيجارٍ و 8.000$ بدلَ أثاثٍ) دون أيةِ تعقيداتٍ عبرَ الاكتفاءِ بالحدِّ الأدنى من المستنداتِ اللازمةِ لتحديدِ هويةِ الشخصِ والبناءِ المهدّم الذي يعودُ إليه، وتمَّ خلالَ شهرِ الانتهاءَ من دفعِ التعويضاتِ لأكثرِ من 12000 مستفيدٍ .
تجدرُ الإشارةَ هنا إلى الصعوباتِ التي واجهتْ المؤسسة في جنوبِ النهرِ، فمن تأخّرِ فلولِ جيشِ العدوِّ "الإسرائيلي" بالانسحابِ من تلك المنطقةِ ، الى الخطرِ الدائمِ الذي خلّفَهُ والمتمثِّلِ بالقنابلِ العنقوديةِ الذي منعَ العودةَ السريعةَ للأهالي خاصةً في القرى المواجهةِ.
أخذت "جهاد البناء" بعين الاعتبار أنه لا يمكن لأية جهة أن تبدأ بإعادة الترميم دفعة واحدة نظراً لضخامة هذا الملف - إذ وصل عدد الوحدات المتضررة في كل لبنان إلى أكثر من 120,000 وحدة من منازل ومحال ومؤسسات وغيرها - بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجازه، فجرى التعامل مع أصحاب المنازل على أساس أن كل واحد منهم "مدير مشروع منـزله أو مؤسسته"، وتم دفع بدل تعويضات الترميم بحسب حجم الأضرار المقدرة في الاستمارة، لعلم "جهاد البناء" بعدم قدرة الناس على تحمل أعباء الترميم وحدها، خصوصاً وأن كثيرين قد فقدوا أرزاقهم خلال الحرب.
ستة أشهر من العمل المضني، استطاعت خلالها "جهاد البناء" من طي المراحل الحساسة من مشروع ضخم، ظنّ من خلاله العدو الصهيوني قهر عزيمة شعب افتدى مقاومته بالدم فكيف لا يفتديها بالحجر؟